ثقافة و فن

دورة تكوينية في الهيب هوب والبركينغ تثير الجدل: هل المدرسة المغربية بحاجة إلى رقصات حضرية أم إلى حلول تربوية عاجلة؟

دورة تكوينية في الهيب هوب والبركينغ تثير الجدل

في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط التربوية والسياسية، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن تنظيم دورة تكوينية لفائدة مفتشين وأساتذة في مادّة التربية البدنية، تخص تدريس رقصتي “الهيب هوب” و”البركينغ”، وذلك بهدف إعداد مكونين جهويين قادرين على تقاسم هذه المهارات مع باقي الأساتذة على المستويين الإقليمي والجهوي.

المذكرة الوزارية، الصادرة بتاريخ 15 ماي 2025 والموقعة من طرف مدير مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، بررت هذا التوجه برغبة الوزارة في تنويع العرض التكويني ودعم قدرات أطر التربية البدنية والانفتاح على أنماط رياضية حديثة، انسجاما مع توجهها الاستراتيجي المعلن.

غير أن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات شديدة داخل مجلس النواب، حيث وجهت النائبة البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، نعيمة الفتحاوي، سؤالا شفويا آنيا إلى السيد وزير التربية الوطنية، متسائلة عن الخلفيات الثقافية والبيداغوجية لهذه الخطوة، ومدى انسجامها مع الواقع المتأزم للمنظومة التعليمية.

وجاء في سؤال النائبة أن “الهيب هوب” و”البركينغ” ليستا مجرد رقصات، بل تحملان حمولة احتجاجية نشأت في بيئات اجتماعية تعاني التهميش والعنصرية، وهو ما يجعل نقلهما بشكل مباشر إلى المدرسة المغربية دون تأصيل تربوي أو فهم عميق لمضامينهما، نوعا من “الاستيراد الأعمى لفلكلور دخيل”.

كما أشارت الفتحاوي إلى الأرقام المقلقة التي تعكس هشاشة النظام التربوي: أكثر من %77 من تلاميذ التعليم الابتدائي لا يستطيعون قراءة نص بسيط بالعربية، و%87 منهم يعجزون عن إنجاز عملية قسمة بسيطة، فضلا عن نسب هدر مدرسي مرتفعة تصل إلى %53 في التعليم الإعدادي، مما يطرح سؤال الأولويات.

النائبة اعتبرت أن المذكرة الجديدة تعيد إلى الأذهان قرارات سابقة مثيرة للجدل، من قبيل تشجيع رياضة الغولف في المدارس، ما يعكس – حسب تعبيرها – “انفصالاً مقلقاً” عن واقع المدرسة المغربية واحتياجاتها الحقيقية.

وفي انتظار توضيحات رسمية من الوزارة الوصية، يبقى السؤال معلقا: هل تحتاج المدرسة المغربية في ظل أزماتها البنيوية إلى إدماج أنماط فنية معولمة، أم إلى إصلاحات جذرية تهم المناهج، التكوين، والدعم التربوي؟ وهل يمكن للفن الحضري أن يكون مدخلا تربويًا جديدا أم أنه مجرد زينة تواصلية لا تغير من واقع المدرسة شيئا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى