حرية الصحافة بين المطرقة والسندان: دفاعٌ مستمر عن الحقيقة في زمن التضليل
الصحافة تحتفل بيومها العالمي

في الثالث مايو من كل عام، يرفع العالم صوته عاليًا احتفاءً بـاليوم العالمي لحرية الصحافة، مناسبة تُسلّط الضوء على الدور الجوهري الذي يؤديه الصحفيون في كشف الحقيقة وتعزيز الشفافية، وسط واقع يزداد فيه التضييق والتهديد على هذه المهنة النبيلة.
في عصرٍ باتت فيه المعلومة سلعة متنازعًا عليها، وتكاد الحقائق تُغرق في طوفان الأخبار الكاذبة والمضللة، تبرز الحاجة إلى صحافة مهنية، حرّة، ومستقلة أكثر من أي وقت مضى.
مع ذلك، فإن الصحافة في العديد من دول العالم، ما زالت تواجه أشكالًا متعددة من القمع، حيث يُعتقل الصحفيون، ويُهددون، ويُعتدى عليهم، وأحيانًا يُفقدون حياتهم، فقط لأنهم التزموا بأداء واجبهم في نقل الحقيقة.
تشير التقارير الدولية إلى تصاعد مقلق، في حجم التهديدات الموجهة للصحفيين، من بينها تفشي خطاب الكراهية، وانتشار الأخبار الكاذبة عبر المنصات الرقمية، وتزايد القيود القانونية التي تحد من حرية التعبير.
ولا يقتصر التهديد على العنف الجسدي فقط، بل يمتد إلى الانتهاكات الرقمية والمضايقات الإلكترونية، لاسيما ضد الصحفيات، ما يجعل بيئة العمل أكثر خطورة وهشاشة.
من جهة أخرى، تعاني المؤسسات الإعلامية المستقلة من ضغوط مالية متزايدة، تجعلها أكثر عرضة للتأثيرات السياسية والاقتصادية، ما يهدد بتقويض قدرتها على أداء دورها بحرية ومهنية.
رغم هذا الواقع المقلق، فقد شهد العالم في السنوات الأخيرة، نموًا في الوعي بقضايا حرية الصحافة، وتجسد ذلك في جهود منظمات دولية، مثل “مراسلون بلا حدود” و”لجنة حماية الصحفيين”، التي ترصد الانتهاكات وتدافع عن حقوق الإعلاميين.
كما أطلقت اليونسكو عددًا من المبادرات التي تدعو إلى خلق بيئة إعلامية آمنة وداعمة.
لحماية الصحفيين وتعزيز حرية الإعلام، يجب أن تتظافر الجهود على كافة المستويات.
يتطلب الأمر تشريعات واضحة تضمن حرية التعبير، وآليات حماية فعالة، وتدريبًا مستمرًا للصحفيين على السلامة المهنية، إلى جانب دعم الإعلام المستقل ماديًا ومعنويًا.
كما أن على المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية وسياسية في التنديد بالانتهاكات وفرض المساءلة على الجناة.
في هذا اليوم، نُحيي كل صحفي وصحفية وقفوا بثبات في وجه الظلم، وواصلوا أداء رسالتهم رغم المخاطر.
إن حرية الصحافة ليست مجرد مطلب مهني، بل هي ركيزة أساسية لأي نظام ديمقراطي عادل، وصوت الشعوب في وجه الظلم والفساد.