السياسات الضريبية في المغرب: بين ضرورات التمويل ومخاوف التأثير على التنافسية
السياسات الضريبية في المغرب

في ظل سياق اقتصادي دولي متقلب وتحديات داخلية متزايدة، تواصل الحكومة المغربية مراجعة سياساتها الضريبية بهدف تعزيز الموارد المالية للدولة وتمويل المشاريع العمومية الكبرى، بما في ذلك البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية.
غير أن هذا التوجه يثير نقاشاً متزايداً في الأوساط الاقتصادية حول مدى استدامته وانعكاساته على النمو والاستثمار.
وتعمل الحكومة على توسيع الوعاء الضريبي عبر استهداف قطاعات جديدة، منها الأنشطة الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي، في محاولة لمواكبة التحولات الاقتصادية التي تشهدها الأسواق العالمية.
ورغم ما قد تحمله هذه الخطوة من إمكانيات لتعزيز العدالة الجبائية، فإن الخبراء يبدون تحفظات بخصوص أثرها المحتمل على التنافسية، خاصة في غياب رؤية واضحة واستقرار تشريعي.
يعاني النظام الضريبي المغربي من مجموعة من التحديات البنيوية، أبرزها عدم المساواة في تحمل العبء الضريبي بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين.
إذ تشتكي المقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل النسيج الاقتصادي الوطني، من ضغط ضريبي كبير مقارنة ببعض القطاعات الكبرى التي تستفيد من إعفاءات أو معاملة تفضيلية.
كما يُسجل غياب نوع من الاستقرار في التشريعات الضريبية، ما يخلق حالة من الضبابية لدى المستثمرين، ويؤثر سلباً على مناخ الأعمال وثقة الفاعلين الاقتصاديين، سواء المحليين أو الأجانب.
ويرى مختصون في الاقتصاد، أن النظام الضريبي في المغرب في حاجة إلى إصلاحات شاملة تقوم على مبادئ الشفافية والإنصاف، وتُراعي خصوصيات الفاعلين الصغار والمتوسطين.
يرى مراقبون أن المغرب مطالب بتحقيق توازن دقيق بين حاجته إلى موارد مالية إضافية وبين الحفاظ على جاذبية الاقتصاد الوطني. فزيادة الضغط الضريبي دون تحسين مناخ الأعمال قد تفضي إلى نتائج عكسية، من قبيل تراجع الاستثمارات وارتفاع مستويات القطاع غير المهيكل.
وفي انتظار تفعيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، يبقى التساؤل مطروحا: هل تنجح السياسات الضريبية الجديدة، في تحقيق أهدافها دون المساس بدينامية الاقتصاد الوطني وثقة الفاعلين فيه؟